بوابة كأس العالم للأندية

الكعبة تُبدل رداءها وتحتفظ بهيبتها فى يوم عرفة.. استغرق تصنيعها 10 أشهر على يد 200 عامل.. وزنها 850 كيلو من الحرير والذهب والفضة والقماش.. وهذه قصة الستارة الخارجية لباب الكعبة

الخميس، 05 يونيو 2025 09:00 ص
الكعبة تُبدل رداءها وتحتفظ بهيبتها فى يوم عرفة.. استغرق تصنيعها 10 أشهر على يد 200 عامل.. وزنها 850 كيلو من الحرير والذهب والفضة والقماش.. وهذه قصة الستارة الخارجية لباب الكعبة الزميل محمود عبد الراضى داخل غرفة صناعة كسوة الكعبة
رسالة مكة المكرمة - محمود عبد الراضي

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

في مشهد سنوي مهيب يترقبه ملايين المسلمين حول العالم، شهد المسجد الحرام بمكة المكرمة اليوم التاسع من شهر ذي الحجة مراسم استبدال كسوة الكعبة المشرفة، ذلك التقليد المتجذر في ذاكرة الحجيج وزوار بيت الله الحرام، والذي يجسد اهتمام المملكة العربية السعودية بالكعبة المشرفة، رمز التوحيد والقبلة التي يتوجه إليها المسلمون في صلواتهم من شتى بقاع الأرض.

تتم هذه المراسم فجرًا، قبل صعود الحجاج إلى عرفات، حيث يتولى فريق متكامل من الفنيين والمتخصصين تنفيذ عملية التغيير بدقة بالغة، ضمن إجراءات فنية وتنظيمية عالية المستوى تشرف عليها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.

الكسوة الجديدة تُصنع من أفخم أنواع الحرير الطبيعي الخالص، الذي يُصبغ باللون الأسود، وتزن بأكملها نحو 850 كيلوجرامًا. وتتكون من 47 قطعة قماش، يبلغ عرض كل منها 98 سنتيمترًا، ويتم وصلها بعضها ببعض لتغطي جوانب الكعبة الأربعة.
يصل ارتفاع الكسوة إلى نحو 14 مترًا، تتخللها 54 قطعة مذهبة من الآيات القرآنية المطرزة بخيوط الذهب والفضة، مثل "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وغيرها من العبارات التي تعكس قدسية المكان وروحانيته.
الحزام الذي يحيط بأعلى الكعبة يُطرز أيضًا بخيوط الذهب الخالص، ويبلغ طوله الإجمالي أكثر من 45 مترًا، ويُثبت بعناية فائقة لإضفاء مظهر جمالي مهيب على الكسوة.

عملية تصنيع الكسوة تتم داخل مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة بمكة المكرمة، وهو منشأة متخصصة تُدار بكوادر سعودية ذات خبرة عالية، ويعمل فيه أكثر من 200 صانع وفني، يتوزعون على أقسام متعددة تبدأ من صباغة الحرير إلى النسج الآلي ثم التطريز اليدوي والتجميع النهائي.
يبدأ العمل أولًا بصباغة الحرير باللون الأسود، ثم يُنقل إلى قسم النسيج الآلي الذي يستخدم أحدث الماكينات، مثل ماكينة "الجاكارد" المتطورة، والتي تمكّن من نسج الآيات والزخارف الإسلامية بدقة متناهية.

أما المرحلة التالية فتتمثل في تطريز الأجزاء المذهبة من الكسوة باستخدام خيوط من الذهب والفضة، حيث يتم تنفيذها يدويًا بإشراف فنيين مهرة، وهي من أدق مراحل العمل وأكثرها حساسية.
وتُعد الستارة الخارجية لباب الكعبة، المعروفة بـ"البرقع"، من أبرز عناصر الكسوة، إذ يتم إعدادها بشكل منفصل ويُطرز عليها اسم الملك وعبارات الدعاء والسلام، وتُثبت في النهاية على باب الكعبة بعناية خاصة، كونها أكثر الأجزاء تعرضًا للنظر والاهتمام.

ومن المميز في تصنيع الكسوة استخدام أكبر ماكينة خياطة في العالم، يصل طولها إلى 16 مترًا وتُدار إلكترونيًا، بالإضافة إلى ماكينات متخصصة في التطريز والنقش، فيما تُضاف لمسات فنية يدوية في جميع المراحل لضمان جودة عالية.
يستغرق العمل على إعداد الكسوة الجديدة نحو 10 أشهر متواصلة، وتُستخدم فيها قرابة 670 كيلوجرامًا من الحرير، وأكثر من 120 كيلوجرامًا من خيوط الذهب، وما يزيد عن 100 كيلوجرام من خيوط الفضة.

ومع بزوغ فجر التاسع من ذي الحجة، وبعد أداء صلاة الفجر، تبدأ مراسم الاستبدال بإشراف لجنة فنية متخصصة، حيث يُنزل جزء من الكسوة القديمة تدريجيًا، ويتم رفع الجوانب الأربعة للكسوة الجديدة باستخدام روافع ميكانيكية، لتثبيتها أعلى الكعبة، ثم يُزال الجزء المتبقي من الكسوة القديمة، وتُثبت الكسوة الجديدة بالكامل. وتُختتم المراسم بتركيب الستارة الذهبية فوق باب الكعبة، في مشهد يختلط فيه الإتقان الفني بالإجلال الديني.

ولا تُعد عملية استبدال الكسوة مجرد حدث تقني أو صناعي، بل تمثل رمزًا للعناية الفائقة التي توليها المملكة للحرمين الشريفين، وتعكس التزامها بإظهار الكعبة بأبهى حُلة في أعظم أيام السنة، يوم الوقوف بعرفة، حين تقف الملايين من الحجاج على صعيد عرفات، قلوبهم معلقة بالكعبة، وأعينهم تفيض شوقًا لرؤيتها مكسوة بثوبها الأسود المزدان بالذهب والآيات الكريمة.

إن استبدال كسوة الكعبة في هذا اليوم تحديدًا، له رمزية عظيمة، فهو يجسد بداية جديدة، وصفحة ناصعة في حياة الحجيج، الذين يرتبطون بهذا المشهد وجدانياً وروحانياً، وكأن الكعبة تتزين لاستقبالهم، فيتجدد معها شعورهم بالتجرد من الذنوب، والعودة إلى الله بقلب نقي. الكسوة ليست مجرد قطعة قماش، بل هي تعبير بصري عن جلال المكان وقداسته، وعن عمق الجذور التي تربط المسلمين بأقدس بقاع الأرض، حيث تهفو الأرواح وتسكن القلوب.

صناعة كسوة الكعبة (1)
خيوط كسوة الكعبة 

 

صناعة كسوة الكعبة (2)
صناعة كسوة الكعبة

 

صناعة كسوة الكعبة (3)
صناعة كسوة الكعبة 

 

صناعة كسوة الكعبة (4)
زخارف وخطوط

 

صناعة كسوة الكعبة (5)
أدوات كسوة الكعبة 


 




مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة

OSZAR »